دعت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية أولياء الأمور والأسر إلى مراقبة وقت جلوس أطفالهم ومراهقيهم أمام الشاشة، مشددة على أنَّ الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات يزيد من خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، وخاصة خلال جائحة كوفيد-19.
أشارت دراسة علمية نُشرت في مارس 2022 في مجلة "بلوس وان" أجراها باحثون من مؤسسة الرعاية الصحية الأولية ومؤسسة حمد الطبية، إلى أن تدابير الصحة العامة المتعلقة بجائحة كوفيد-19، ومنها إغلاق المدارس والتعلم عن بُعد وإضاعة الفرص المتاحة للتربية البدنية، أدت إلى زيادة مضاعفة في استخدام أجهزة الشاشة الرقمية، بالإضافة إلى قلة النشاط البدني ونمط النوم المتقطع وزيادة السعرات الحرارية المتناولة والسمنة وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ومن جانبها، قالت الدكتورة سارة موسى، اختصاصية طب المجتمع والطبيب المسؤول لمركز المعافاة في مركز روضة الخيل الصحي والتي شاركت في الدراسة كباحث رئيسي، إنَّ الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي في الطفولة يعد مؤشراً على احتمالية الإصابة بمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض المزمنة عند البلوغ، مثل داء السكري من النوع 2 وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم. كما تعد العوامل المرتبطة بنمط الحياة عوامل خطر رئيسية لمتلازمة التمثيل الغذائي لدى المراهقين، مثل عدم ممارسة النشاط البدني المتوسط الشدة إلى الشديد بشكلٍ كافٍ وانخفاض اللياقة القلبية التنفسية والتدخين والسلوكيات التي تنطوي على الجلوس لفترات طويلة.
تؤكد نتائج هذه الدراسة أنَّ المراهقين الذين يقضون وقت أطول أمام الشاشات، مثل التلفاز أو الكمبيوتر أو الأجهزة المحمولة تزداد لديهم احتمالية الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي. إضافة إلى أنَّ أي زيادة في وقت المكوث أمام الشاشة —أكثر من ساعتين في اليوم— ترتبط بزيادة خطية في المخاطر تبعاً لذلك، و يمثل الجلوس من 5 إلى 6 ساعات أمام الشاشة في اليوم أعلى درجة خطورة.
وفي هذا السياق ووفقاً للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، يُنصح الأطفال والمراهقين بالحد من الوقت الذي يقضونه في الأنشطة الترفيهيه المنطوية على الجلوس أمام الشاشات من دون حراك إلى ما لا يزيد عن ساعتين يومياً وممارسة النشاط البدني المتوسط الشدة إلى الشديد بما لا يقل عن 60 دقيقة يومياً.
وفيما يتعلق بالطرق التي قد يلجأ إليها الوالدان للحد من وقت جلوس الأطفال والمراهقين أمام الشاشة، أشارت الدكتورة سارة موسى إلى أهمية إعداد خطة لاستخدام الوسائط تتمحور حول الأسرة، وذلك نظراً لنقص الانضباط والبصيرة لدى هذه الفئات العمرية نحو الحد من استخدامهم للشاشة. إنَّ إشراك المراهقين والأسر والمدارس والأخصائيين الاجتماعيين في خيارات نمط الحياة الصحية يخلق بيئة داعمة لتغيير السلوك. كما يعزز التواصل الفعَّال مع المراهقين وأسرهم إلمامهم بالتكنولوجيا الرقمية المتعلقة بأنواع الشاشات والمحتوى ووضع حدود لوقت الجلوس أمام الشاشة.
وعلى الرغم من النتائج الصحية السلبية المرتبطة بالجلوس أمام الشاشة، إلا أنَّه من الممكن أن يكون مفيداً إذا تم استخدامه بطرق مناسبة وخاصة خلال فترات جائحة كوفيد-19. وفي هذا السياق، تشجع الدكتورة سارة موسى الآباء على تعزيز الاستخدام الفعَّال للتكنولوجيا، على سبيل المثال دروس النشاط البدني عبر الإنترنت وتحميل تطبيقات التمارين الرياضية وألعاب الفيديو الممتعة التي تتطلب نشاطاً حركياً والتي يمكن أن توفر حلولاً بديلة مفيدة. ومن المهم أيضاً ألا ننسى بأن تحديد الأهداف والمراقبة المستمرة أمرٌ في غاية الأهمية للتشجيع على تبني السلوكيات الإيجابية.
ومن جانب آخر، ترتكز نتائج هذه الدراسة على توصيات لتعزيز الكشف المبكر عن عوامل الخطر السلوكية والأيضية بين الأطفال والمراهقين والتي تشتمل على أدوات فحص للنشاط البدني ووقت الجلوس أمام الشاشة ومؤشر كتلة الجسم، بالإضافة إلى التقييم النفسي وذلك لتحديد عوامل الخطر التي يمكن الوقاية منها، وتبعاً لذلك يتم إعداد برامج إنقاص الوزن وخطة التمارين الرياضية والاستشارات الشاملة.
كما تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أهمية جهود الصحة الوطنية والعامة في التخطيط لاستراتيجيات الوقاية وذلك عن طريق إطلاق برامج منخفضة التكلفة ومتعددة القطاعات ويسهل الوصول إليها للكشف عن العوامل المتعلقة بمتلازمة التمثيل الغذائي والأمراض المزمنة في المراحل المبكرة، مثل السمات الاجتماعية الديموغرافية وإمكانية الوصول وسلوك الوالدين والسلوكيات النفسية والجسدية والحركية والغذائية.