تعتبر مرحلة المراهقة الفترة الفاصلة بين الطفولة والبلوغ، وتغطي الفئة العمرية من 10 إلى 19 عامًا. إنها مرحلة فريدة من مراحل نمو الإنسان وعمليات التنشئة الاجتماعية، حيث يتم خلال هذه الفترة الحاسمة وضع الأسس للصحة الجيدة وخلق فرص للتغيير.
يمر المراهقون بمرحلة نمو جسدي وإدراكي ونفسي اجتماعي سريع. هذا النمو يؤثر على مشاعرهم وتفكيرهم واتخاذهم للقرارات وتفاعلهم مع العالم من حولهم. في هذه المرحلة، يحدد المراهقون أنماط سلوكهم – مثل تلك المتعلقة بالنظام الغذائي والنشاط البدني وتعاطي المخدرات والنشاط الجنسي.
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة / سارة راشد موسى، استشاري طب المجتمع ومسؤولة مركز المعافاة في مركز روضة الخيل الصحي بمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، إنَّ الشباب خلال مرحلة المراهقة يواجهون تحديات قد تجعلهم يشعرون بالتوتر، مثل البحث عن هويتهم والتكيف مع توقعات المدرسة والأسرة والأصدقاء، واتخاذ قرارات تتعلق بمستقبلهم. كما أن الشباب الذين يتعرضون للعنف المدرسي كضحايا أو يمارسونه كمعتدين، يظهرون قدرة أقل على التعامل مع المواقف المسببة للتوتر. وبالمثل، فإن الشباب الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني يظهرون مستويات أعلى من القلق والاكتئاب وضعف في تقدير الذات. يشير تقدير الذات إلى التقييم الذاتي للفرد لقيمته الشخصية وكذلك إلى ردود الفعل المستمدة من تفسيرات الآخرين.
وأضافت الدكتورة / سارة: "إن التعرض للمواقف المسببة للتوتر يزيد من احتمالية تبني سلوكيات غير صحية مثل استهلاك مستويات أعلى من المواد الضارة مثل التبغ أو الكحول. وتعتبر المراهقة مرحلة بالغة الأهمية للصحة والمرض في المستقبل، حيث يمكن أن تستمر العادات غير الصحية مثل تناول الطعام غير الصحي والأمراض المزمنة المكتسبة خلال هذه الفترة إلى مرحلة البلوغ."
وأشارت إلى أن اتباع نمط حياة صحي في مرحلة المراهقة، مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم وممارسة النشاط البدني واتباع نظام غذائي صحي، يرتبط بالعديد من النتائج الإيجابية، مثل تحسين جودة الحياة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة وتعزيز الصحة النفسية والجسدية. كما يعد الانخراط المنتظم في النشاط البدني دليلاً على تطوير المراهقين لمهارات الإدارة الذاتية وتنظيم الوقت بشكلٍ أفضل، والتي غالبًا ما تتسم بزيادة الاستقلالية والكفاءة الذاتية. ويُعتبر النشاط البدني استراتيجية أساسية لإدارة التوتر، وتظهر الأبحاث أن الأفراد الذين يمارسون النشاط البدني بانتظام يظهرون تحسنًا في الوظائف الإدراكية والتنفيذية ويكونون أكثر ميلاً لاستخدام استراتيجيات التأقلم التكيفية للتعامل مع الضغوط اليومية ويظهرون مرونة أكبر في مواجهة التحديات غير المتوقعة.
كما حثت الدكتورة / سارة الأسر على دعم تبني أطفالهم المراهقين لأنماط الحياة الصحية من خلال حل المشكلات (تحديد المشكلة، والتواصل الواضح والمباشر، والتعبير عن الأفكار والمشاعر، ووضع البدائل، واتخاذ القرارات وتنفيذها، وتقييم الفعالية). تلعب الأسرة دورًا هامًا في تطوير الاستقلالية واتخاذ القرارات المشتركة فيما يتعلق بالغذاء والنشاط البدني، مما يسهم في خيارات غذائية أكثر صحة. يرتبط التحكم المرن في السلوك بالدور الأسري الفعّال، ولذلك تُنصح الأسر بوضع معايير للسلوك وتطبيقها بطريقة مرنة. ومن بين العوامل التي يعتبرها المراهقون مهمة في دعم أنماط الحياة الصحية دور الصداقات والتطبيقات الهاتفية ومستوى الاستقلالية التي يمنحها الآباء للمراهقين فيما يتعلق باتخاذ قراراتهم الغذائية بأنفسهم.
نحن نشجع الآباء على أن يكونوا قدوة لأبنائهم المراهقين من خلال اعتماد العادات الصحية في خيارات نمط حياتهم الخاصة، وتخطيط وإعداد وجبات مغذية أو وجبات خفيفة متوازنة للأسرة، مع الحد من توافر الخيارات غير الصحية، وتشجيع النشاط البدني العائلي، والأنشطة الخارجية، أو الرياضة، ومراقبة وقت الشاشة والتحكم فيه، بالاضافة الى توفير بيئة داعمة إيجابية، وجدولة وضمان إجراء فحص صحي منتظم للأبناء.